القدّيس سابا المتقدّس بالله

St Sava

تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة في الخامس من شهر كانون الأوّل للقدّيس سابا المتقدّس بالله.

قدّاس العيد:
الخميس 4 كانون الأوّل، الساعة 6.00 مساءً
المكان: كنيسة القدّيسين بطرس وبولس

نبذة عن حياته:

ولد القديس سابا في إقليم الكبادوك سنة “439م”، من أبوين مسيحيين وكانا من أغنياء تلك البلاد وأشرافه، نشأ على حب الفضيلة منذ نعومة أظفاره، هرب إلي البرية ودخل ديراً هناك ليعبد الله بالهدوء والسكينة فبدأ بالمحافظة على الصلوات والطاعة والقيام بفرائضه بكل أمانة ونشاط حتى أنه فاق رهبان الدير بتواضعه وطاعته وتجرده وأصبح مثالاً للجميع، عاش في الدير عشر سنوات في جهاد متواصل وتاقت نفسه إلي الوحدة والعيشة المنفردة فاستأذن رؤساءه ليسمحوا له بالذهاب إلي القفار الفلسطينية ليعيش عيشة النسك فسمحوا له بالسفر فأتى أورشليم وزار الأماكن المقدسة ثم نزل إلي البراري وأتى إلي دير القديس أفثيميوس الكبير وطلب أن يقبل في عداد النساك ففرح به أفثيميوس ولكنه نظراً لحداثة سنه أرسله إلي دير القديس ثاوكتستس حيث كان المبتدئون يستعدون للحياة النسكية المفردة التي يديرها القديس أفثيميوس نفسه، فعاش هنالك مواظباً على الإماتات الرهبانية وسائراً في طريق الكمالات الإنجيلية وفي هذه الأثناء رقد القديس ثاوكتستس بالرب فطلب سابا إلي خلفه أن يسمح له بحياة الإنفراد فسمح له بذلك فذهب وسكن في مغارة يمارس فيها أعمال النسك الشديدة فكان يقضي خمسة أيام من الأسبوع في الوحدة التامة مثابراً على التأمل والصلاة، يشتغل بعمل السلال ويبيعها لينفق على نفسه ويتصدق على الفقراء . كان يذهب يومي السبت والأحد إلي الكنيسة ليسمع الإرشادات الروحية وحضور الذبيحة الإلهية وتناول الأسرار المقدسة ويعود إلي خلوته وكان القديس أفثيميوس يدعوه الشاب الشيخ لرصانته في حياته وجميل فضائله وطباعه، وأقبل النساك والرهبان إلي سابا يطلبون إرشاده وأخذ الكثيرون يتتلمذون له فأنشأ لهم المناسك وقام يرشدهم، ولما تكاثر عددهم شيد لهم ديراً أقاموا فيه . بقية القديس أبونا البار طار صيت قداسة سابا وفضائله وعمت كل البلاد، فسامه البطريرك سالستس كاهناً رغم تذلله وممانعته وأسند إليه الرئاسة العامة على المناسك في فلسطين وأتته أمه حاملة إليه أموالاً كثيرة من إرث أسرته وطلبت منه السماح لها بالإقامة تحت كنفه ما بقي لها من العمر، فسمح لها وعنى بوالدته في أيامها الأخيرة ولما رقدت أنشأ بالأموال التي حملتها أمه إليه مستشفى للمرضى بجوار الدير، ومستشفى آخر في أريحا ومضافة للزوار بقرب الدير وذهبت الأموال في سبيل خدمة القريب. إستحوذ الحسد على بعض الرهبان فنالوا من كرامته والتظاهر ضد سلطته فآثر الإبتعاد عن الدير على أن يقوم الشر بالشر وتوغل في الصحراء حيث وجد مغارة دخلها وما أن أقام فيها حتى رأى أسداً هائلاً يدخل عليه لأن تلك المغارة كانت عريناً له، فلم يضطرب سابا لرؤيته وقال للأسد ” لا تغضب فالمحل يتسع لي ولك” فحدق فيه الأسد ولوح بذيله وغادر المغارة وترك القديس سابا في عرينه ومضى . لكن الرهبان أشاعوا بأن الأسد قد إفترسه وطلبوا إلي البطريرك تعيين آخر مكانه ولما كان عيد تجديد هيكل القيامة جاء سابا كعادته إلي أورشليم ليحضر العيد فرآه البطريرك وتمسك به وأعاده إلي ديره وعمله بالرغم من إعتذار سابا عن ذلك وإدعائه بقلة الدراية في تدبير أمور رهبانه، أما هوفلوداعته وتواضعه وحبه للسلام فسكت عن عصيانهم وبقى يسهر عليهم .ترأس القديس سابا وفداً من رؤساء الأديار للسفر إلي القسطنينية للمثول أمام الملك وتقديم رسائل له من إيليا بطريرك أورشليم لرفع الشدة عن فلسطين فلم يسمح له الحرس بالدخول إلي القصر لأنهم ظنوه أحد الخدم لما كان عليه من التواضع ولما قرأ الملك الرسائل سأل عن سابا فأخبروه بالأمر فاستدعاه وبالغ في إكرامه وأرسل إلي عماله لتخفيف الوطأة عن البلاد ورضي عن البطريرك إيليا ومنح سابا ألف دينار ذهباً مساعدة لأدياره، إمتاز سابا في حياته بالوداعة والتواضع والفطنة وكان شفوقاً على القريب، خادماً للضعيف والغريب، كثير الإماتات والأصوام ولذلك منحه الله صنع العجائب ورقد بالرب بين أولاده وقد ناهز الثانية والتسعين من عمره، رقد القديس سابا في الخامس من شهر كانون الأول من السنة 522م عن عمر يناهز الرابعة والتسعين. بقي جسده في دير اللافرا إلى أن نقله الصليبيون معهم إلى البندقية. لكن تمت إعادته إلى ديره في تشرين الأول من السنة 1965م.

الدير الذي أسّسه القديس ساب، ” اللافرا”، بقي إلى يومنا هذ، واشتهر عدد كبير من الذين تتلمذوا فيه وأهمهم: القديس يوحنا الدمشقي، وأخوه قزما أسقف مايوم، وأندراوس الكريتي…

من المعلوم أن أهمّ وأقدم تيبيكون – الكتاب الذي ينظّم الخِدَم والطقوس في الكنيسة الأرثوذكسية – منسوب إلى القديس سابا. أما التيبيكون المعمول به اليوم في الكنيسة الأرثوذكسيّة فهوتيبيكون القسطنطينية المأخوذ في الأصل عن تيبيكون القديس سابا مع بعض الإضافة والتعديل.

من أخبار القديس سابا

أوكل إلى أحد الرهبان إدارة المضافة، وكان عليه أن يعدّ الطعام لزوار الدير. وإذ كان مرة قد طهى كمية كبيرة من الفول زادت على الحاجة، عمد إلى إلقاء ما فضل من النافذة. فلاحظه القديس سابا، فنزل من قلايته بهدوء وجمع بعناية ما تبعثر من حبّات الفول ونثرها على صخرة حتى يبست، ثم جمعها وحفظها لديه إلى وقت مناسب.

وبعد مدة دعا القديس سابا الراهب الذي رمى الفول من النافذة، وصنع له صحنا من الفول. وفيما جلس الاثنان إلى الطعام قال القديس سابا للراهب: ” اغفر لي يا أخي لأني لا أعرف جيدا أن أُتبّل الفول، ولعلك لم تستسغه”. فأجاب الراهب:” لا بل هذا الطعام لذيذ جد، فإني لم أذق طبيخا طيبا كهذا منذ زمان بعيد” فأجابه القديس قائلا:” صدقني يا ولدي، هذا هوالفول الذي ألقيت َ به من النافذة. اعلم أن من لا يعرف كيف يصلح وعاء من الطبيخ سدّا لحاجات الذين في عهدته دون أن يضيع منه شيئا لا يصلح لأن يكون مسؤولا. فقد قال الرسول بولس:” إن كان أحد لا يعرف أن يدبّر بيته، فكيف يعتني بكنيسة الله؟ ” (1 تيموثاوس 3: 5).