القدّيس نيقولاوس العجائبيّ

St Nicolas

تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة في السادس من كانون الأوّل للقدّيس نيقولاوس العجائبيّ أسقف ميرا.

قدّاس العيد:
الجمعة 5 كانون الأوّل، الساعة السادسة مساءً
المكان: كنيسة القدّيسين بطرس وبولس

هو أكثر القديسين شهرة في كنيسة المسيح، شرقاً وغرباً. فصورته، كما ارتسمت في وجدان الناس عبر العصور، هي صورة الراعي الصالح، على مثال معلمه. لا يترك إنساناً يستنجد به إلا هبّ إلى نجدته كائنة ما كانت حاله أوضيقته أوحاجته. أكثر القديسين، كما نعرف، ارتبط ذكرهم بين الناس بحاجة محددة. هذه ليست حال القديسين نيقولاوس. القديس نيقولاوس على مر العصور بدأ وكأنه قديس لكل ظرف وحاجة. بهذا المعنى كان في هذا البلد أوذاك، شفيعاً للتلاميذ والأولاد العاقلين والفتيات اللواتي لا مهر لهن والبحارة والصيادين والعتالين وباعة النبيذ وصناع البراميل وعمال البيرة والتجار والبقالين والقصابين والمسافرين والحجاج والمظلومين والمحكومين والمحامين والأسرى والصرافين وغيرهم. لذلك لا عجب إذا كانت الكنيسة عندنا قد خصته بيوم الخميس إكراماً واستشفاعاً، كما أدخلت اسمه في عداد النخبة من القديسين الذين يستعين بهم المؤمنون، على الدوام عبر الافشين الذي يتلى في صلاة السحر وغيرها من الصلوات والذي أوله: “خلص يا رب شعبك وبارك ميراثك…”

كل هذا ولا نعرف من أخبار القديس نيقولاوس قبل القرن التاسع للميلاد إلا القليل القليل، مع انه من المفترض أن يكون قد عاش وصار أسقفا ورقد بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين. فأول من كتب سيرته بتوسع كان القديس سمعان المترجم حوالي العام 913م . وكان مثوديوس بطريرك القسطنطينية قد دون عنه قبل ذلك سيرة مختصرة حوالي العام 840م

بين ما نعرفه أن الامبرطور البيزنطي يوستنيانوس بنى على اسمه في القسطنطينية سنة 530م كنيسة هي الكنيسة المعروفة باسم القديسين بريسكوس نيقولاوس، في حي بلاشيرن الشهير بكنيسة السيدة فيه. وعلى مقربة من المكان كان احد الأسوار يحمل اسمه. وعندنا للقديس نيقولاوس أيقونات أورسوم حائطية منذ ذلك القرن أيضا، نشاهد بعضها في دير القديسة كاترينا في سيناء.

من أقدم أخباره من القرن الميلادي السادس ظهوره لقسطنطين الملك في الحلم. يومذاك طلب منه قديسنا أن يوقف تنفيذ حكم الإعدام بثلاثة ضباط أدينوا ظلماً.

نبذة عن سيرة حياته:

شاع عن القديس نيقولاوس انه ولد في باتارا من أعمال ليسية الواقعة في القسم الجنوبي الغربي من آسيا الصغرى، وان ولادته كانت في النصف الثاني من القرن الثالث للميلاد. ارتبط اسمه باسم ميرا القريبة من باتارا على بعد ثلاثة أميال منها. وقد ذكر انه تسقف عليها. ميرا في آسيا الصغرى أو كما تعرف اليوم برّ الأناضول، هي “دمري” الحالية. هناك يبدو أن ذكر القديس لم تمحه السنون بدليل أن المسلمين جعلوا له عند الكنيسة التي قيل أن القديس كان يقيم الذبيحة الإلهية فيها، أقول جعلوا له تمثالاً أسموه “Noel Baba”. يذكر انه كانت لميرا في وقت من الأوقات ست وثلاثون أسقفية تابعة لها.

إلى ذلك قيل أن القديس نيقولاوس عانى الاضطهاد في أيام الامبرطورين الرومانيين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس وانه اشترك في المجمع المسكوني الأول في نيقية سنة 325م. هذا ويبدوأن قديسنا رقد في ميرا حوالي منتصف القرن الرابع الميلادي واستراحت رفاته في الكنيسة الأسقفية هناك إلى أن دهم الموضع قراصنة من باري الايطالية عام 1087م فسرقوه وسط احتجاج رهبان كان يقومون بخدمة المحجة، وعادوا به إلى بلادهم حيث ما يزال إلى اليوم. وقد ذكرت مصادر عريقة انه في كلا الموضعين، ميرا وباري كان سائل طيب الرائحة يفيض من رفاته.

أخباره:

من الواضح، في ما يروى عن القديس نيقولاوس، أن أخباره عجائبية في أكثر تفاصيلها. حتى الأخبار التي يمكن أن تكون عادية عنه سكبتها الأجيال المتعاقبة بقالب عجائبي تأكيداً لطابع سيرته ألعجائبي. فلقد جاء عنه انه كان يصوم عن الرضاعة في طفولته يومي الأربعاء والجمعة إلا مرة واحدة بعد غروب الشمس. وان عماً له اسمه نيقولاوس أيضا، كان أسقفا على باتارا، لما سامه كاهناً تنبأ بالروح أن القديس سيصبح أسقفاً يوماً ما وسيكون تعزية وخلاصاً لكثيرين. ولما اختير أسقفاً على ميرا كان ذلك بتوجيه من ملاك.

وقد كتب عنه مثوديوس القسطنطيني انه عاين في رؤية مرة الرب يسوع المسيح مجللاً بالمجد، واقفاً به وهو يسلمه الإنجيل الشريف ووالدة الإله من الجهة المقابلة تضع الصاكوس على كتفيه. بعد ذلك بفترة قصيرة رقد يوحنا، أسقف ميرا واختير نيقولاوس خلفاً له.

إلى ذلك هناك عدد من الأحداث المروية عن القديس نيقولاوس تبينه رؤوفاً محباً للإحسان والعدالة. بعض هذه الأحداث جرى له في حياته وبعضها بعد موته. مرتان أنقذ سفينة أشرفت على الغرق وكان مسافراً فيها. مرة استجار به البحارة وهم في عرض البحر وهو في كنيسته فأتى إليهم وأجارهم. مرة أوحي في الصلاة إلى سفينة محملة بالقمح كانت في عرض البحر فاتجهت صوب مقاطعة ليسية التي كانت قد حلت بها مجاعة عظيمة. مرتان أنقذ غريقاً من الهلاك. مرة أقام ثلاثة أولاد من الموت. ومرة أنقذ ثلاثة مظلومين قبل لحظات من تنفيذ حكم الإعدام بهم.
تكرم القديس نيقولاوس في هذا اليوم كنائس اللاتين والسريان اليعاقبة والأرمن والموارنة وسواهم بالإضافة إلى الروم الأرثوذكس. يذكر أن اسمه عند الموارنة هو زخيا، وزخيا اسم سرياني يعني تقريباً ما يعنيه اسم نيقولاوس، أما باليونانية فيعني نيقولاوس ” المنصور” أو” الظافر” والمعنى الدقيق لنيقولاوس هو” الشعب المظفر” .