ذكرى نقل جسد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم إلى القسطنطينيّة

Image

الثلاثاء، السابع والعشرون من كانون الثاني، يُصادف ذكرى نقل رفات القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم.

طروباريّة :
لقد أشرقت النعمةُ من فمك مثل النار وأضاءت المسكونة ووضعت للعالم كنوز عدم محبّة الفضّة وأظهرت لنا سموّ الاتّضاع، فيا أيّها الأب المؤدّب بأقواله يوحنّا الذهبيّ الفم تشفّع إلى الكلمة المسيح الإله أن يخلّص نفوسنا.

نقل جسده إلى القسطنطينيّة:

بعد رقاد القدّيس يوحنّا الذهبي الفم في منفاه في كومانا الكبّادوكيّة بسنة، رقدت الأمبراطورة أودكسيا، الّتي أمرت خلال حكم زوجها الأمبراطور البيزنطيّ أركاديوس بنفي القدّيس، فاعتلى ابنها ثيودوسيوس الصغير العرش في العام 408م.

إثر ذلك أخذ أتباع القدّيس وأنصاره يستعيدون كراسيهم واعتبارهم بصورة تدريجيّة. لمّا تولّى بروكلس سدّة البطريركية القسطنطنيّة، وكان أحد تلامذة الذهبيّ الفم، تمكّن من إقناع الأمبراطور بضرورة وصوابيّة استقدام رفات معلّمه يوحنّا الذهبيّ الفم إلى القسطنطنيّة من كومانا.

فأرسل الأمبراطور جنوده لاستعادة الرفات، غير أنّ مشكلة واجهتهم فلم يتمكنوا من معالجتها، إذ بدا النعش ملتصقًا بالأرض، وتعذّرت زحزحته رغم كلّ المحاولات. كأنمّا القدّيس أبى أن يغادر المكان. ولم يلبث أن شعر الأمبراطور بأنّه هو السبب وأن القدّيس غير راضٍ عنه لأنّه لم يُبدِ عن والديه لا توبة ولا اتضاعاً كافيين. لذا لجأ إلى أسلوب كان سائداً كتعبير عن التوبة وعن حسن النيّة حيال الراقدين، فكتب رسالة إلى القدّيس كما لو كان حيّاً في الجسد فسأله المغفرة والعفو والمسامحة لما اقترفه والداه حياله ورجاه أن يقبل العودة إلى المدينة. فحمل الجنود الرسالة ووضعوها على صدر القدّيس فانحلّت المشكلة وتزحزح النعش فأمكن نقله إلى المدينة حيث استقبله الناس بحفاوة بالغة. فأُدخل إلى كنيسة القدّيسة ايريني من ثمّ نقل إلى كنيسة الرسل القدّيسين حيث مدافن الأباطرة والبطاركة وهناك أُجلس على العرش الأسقفي وصلوا من أجله.

نبذة عن حياته:
أبصر يوحنّا الذهبيّ الفم النوّر على الأرجح سنة 347م. كان أبواه من علّيّة القوم، والده قائداً للجيش الشرقيّ في الأمبراطوريّة وكان وثنيّاً، بينما والدته كانت مسيحيّة. فبعد أن توفّي زوجها ربّت ابنها للمسيح.

تتلمذ في انطاكية للفيلسوف ليبانيوسز أخذ عنه فنون الخطابة والآداب الأغريقيّة. اقتبل المعموديّة في سن الثامنة عشرة او الثالثة والعشرين، ومعّمده كان القدّيس ملاتيوس الأنطاكيّ أسقف انطاكية الذي اتخذه قندلفتاً ثم ّقارئاً. كانت رغبة يوحنّا أن يترهّب، غير أن أمّه حالت دون ذلك فحوّل بيته إلى دير وانقطع عن العالم وصار ناسكاً، ويبدو أنّه اقتنى الصلاة النقيّة وهدوء الذهن ووداعة لا تتزعزع.

بعد وفاة والدته، انتقل إلى الجبال حيث أمضى 6 سنوات في العيش مع الرهبان. ثمّ سيم شمّاساً في العامّ 381م، وبعد خمس سنوات سيم كاهناً وسُمح له بالوعظ في حضور الأسقف الجديد على الكرسيّ الأنطاكيّ وكان هذا حدثاً فريداً. وفي انطاكية ألقى أهمّ عظاته التي انتفع منها المؤمنون وتناولت المواضيع الحياتيّة المسيحيّة كافّة.

وفي السنة 398م رئس يوحنّا كرسيّ كنيسة القسطنطينيّة. استقطبت عظاته جموعاً عديدة من المؤمنين وكان تعامله عاديًّاً جدًّا مع الجميع، وحمل على حياة البذخ والترف، والتزم خطّ الفقر الإنجيليّ. تواجه مع القصر الأمبراطوريّ، وبخاصّة مع الأمبراطورة أفدوكسيا بسبب تشدّده في الكلام على الترف والفسق والرذيلة.

وكان يتربّص بيوحنا عددٌ من الأعداء بسبب محبّته العظيمة واحتقاره المجدَ الباطل. نُفي أكثر من مرّة في عهد الأمبراطورة أفدوكسيا. وفي النفي الأخير كان له رسالة مؤثرة لأسقف اسمه كيرياكوس يشدد فيها أنّه يفضل النفيَ على الرضوخ للأمبراطورة.

رقد سنة 407م وكان قد أتمّ الستّين من عمره.