تساؤلات حول القداس

– المطران جاورجيوس خضر مطران جبيل والبترون وما يليهما

يسألون متى نقف, متى نجلس. هناك جواب في المبدأ وهناك جواب في الواقع. من حيث المبدأ: لم يكن هناك عند الارثوذكسيين مقاعد قبل خمسين سنة. كانت هناك بعض الكراسي حول الجدران يتكىء عليها الشيوخ اتكاء ويجلسون عليها اثناء تلاوة الرسائل. فصورة الارثوذكسي في صلاته صورة المسيح القائم من الموت والصاعد الى السماء. ولا تزال كنائس روسيا حتى اليوم خالية من المقاعد ويبقى الانسان على ما تربى عليه.اما وقد ضعفت الهمم وقلدنا الآخرين فصرنا نجلس الا في تلاوة الانجيل والكلام الجوهري والذي يقال له في التعبير اللاهوتي قانون الشكر ويبدأ من ” نعمة ربنا يسوع المسيح ” حتى آخر الاستحالة فاذا سمع المؤمنون ” وخاصة من اجل الكلية القداسة” جلسوا. ثم يقفون من جديد عند الصلاة الربية وأثناء المناولة حتى الختام. كذلك يقفون عند التبخير وكلما سمعوا “السلام لجميعكم” وبعامة كلما قيلت عبارات التبريك مع رسم الكاهن اشارة الصليب عليهم.

من الواضح ان الفهم هو المناخ الاساسي حتى لا يتضجر المؤمن. والفهم يأتي من تفسير الخدمة الالهية وعندنا كتب حولها. والانتباه يزداد بالوعي والاشياء لا تُملى على الانسان إملاء ولكنه يلتقطها التقاطا. وما يزيد الوعي ان نتابع القداس بنصه المنشور حتى لا تفوتنا كلمة ولا سيما ان اهم الصلوات تتلى سرا فلا يسمعها الناس. ولم يكن هكذا في البدء ولا يعلم العلماء على وجه التأكيد لماذا تُقرأ الافاشين بصوت منخفض. ومن لا يتابعها كما نُصّت لا يستطيع ان يفهم وحدة القداس وترابطه.

نحن لم نبقَ اليوم في حضارة سماعية بل بتنا في حضارة بصرية ونريد ان نقرأ ولا سيما ان اللفظ قد يكون سيئا او تكون الكنيسة خالية من هندسة صوتية. ان مسعى الحصول على كتب اتركه لمجالس الرعايا والمسؤولين الروحيين واصحاب الغيرة لأن كلمة الله إن فاتتنا يفوتنا الخلاص. هناك مكملات اساسية لأداء صالح: جوق، طراوة في الصيف، دفء في الشتاء، صمت كامل نلتزمه، حشمة نرعاها. كل هذا يساعد على الاستيعاب وتاليا على السمو الروحي والتأهب للمناولة المقدسة. ولعل سؤال الأسئلة هو لماذا قداسنا طويل؟ الحق انه ليس كذلك لأننا اذا أحسنا الاداء، كاهنا او جوقا، فهو لا يتجاوز الساعة الا اذا طالت العظة او كثر المتناولون. اما العظة عندنا فينبغي ان تكون قصيرة نسبيا لان القداس ليس مجالا للتعليم المفصل لكن لكشف الانجيل وشد الحياة اليه. اما المناولة فقد كثُرت بسبب من عمق الفهم المتصاعد عند المؤمنين وتجدد ايمانهم وقوة حرارتهم. وهنا ينبغي ان ننتظر بعضنا بعضا.

والحقيقة ان الشعور بالطول يلأتي من المعرفة القليلة او المحبة القليلة. والقداس ككل شيء نشترك به من اعماق النفس: انها تتهيأ لاقتبال الرب وتناجيه بالكلمة وتتحد به في القرابين. هذه عملية حب. ليس السر في التقصير او الإطالة. انه في عشقنا للمسيح او عدم عشقنا. وهذا يربى بالادراك المتصاعد. فاذا الكلمات أُلصقت إلصاقا بالأذن وما استدعيناها نحن استدعاء وما استلذذناها تنشىء الشعور بالضجر. ولكن ان رحبنا بالمسيح تائبين اليه والى انجيله وجسده ودمه فالقداس مكان للفرح