مرفع اللحم

هذا الأحد الذي نحن فيه تدل تسميته على انه آخر يوم نأكل فيه لحما لندخل اسبوعا إعداديا للصوم نأكل فيه السمك والأجبان0 غير ان الأمر الأهم هو تسمية اخرى لهذا اليوم وهو احد الدينونة اذ نقرأ فيه إنجيل الدينونة كما ورد في متى0
في الخدمة الإلهية عند الغروب والسَحَر حديث مستفيض عن نهر النار التي ستعاقب الخطأة (الارثوذكس لا يتكلمون عن نار حسية ولكن هناك “وجع لا يبطل” عند الذين رفضوا الله وفارقوه)0 “من يحتمل ذلك الحكم الهائل؟ افعالنا هي التي تنتصب لتوبيخنا0 هناك رعدة وخوف (العهد الجديد ما أبطل الخوف)0 “الضابط الكل يوافي فمن يحتمل خوف حضوره”0

هناك تأكيد على اننا “نقف عراة لدى الحاكم العادل” اذ ليس امتياز لأحد مهما سمت منزلته في الأرض0 والدينونة تشمل “الأفعال والظنون والأفكار الصادرة في الليل والنهار”0
بعد هذا تعرج الصلاة على ذكر الصوم الآتي0 فلئلا يظن الصائم نفسه شيئا تتوجه الأنشودة الى النفس لتقول لها: “أتمتنعين عن المآكل؟ فلا تديني اخاك”0 لقد ترك الله الدينونة لنفسه0 هنا يأتي الإنجيل0 الدينونة هي ان “فاحص الكلى والقلوب” عند مشاهدته البشر يميزهم بعضهم عن بعض كما يميز الراعي الخراف عن الجداء0 هو يرى مباشرة انك كنت في الدنيا له او كنت عليه0 ليس عنده تعسف او تحيز ولا يساوي بين الصالحين والذي أصروا على البقاء اشرارا0
يفسر الله موقفه فيقول لأبنائه الطيبين: “اني جعت فاطعمتوني… كنت غريبا فآويتموني وعريانا فكسوتموني…”0 طبعا لا يفهم الصالحون قوله: “جعت فأطعمتوني… كنت غريبا فآويتموني…”0 فالله لا يجوع ولا يعطش ولا يمرض0 يسأله الصالحون: متى رأيناك كذا او كذا، فيجيب: “بما انكم فعلتم ذلك بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه”0 إخوة الرب الصغار هم الفقراء والمرضى والمسجونون والغرباء0 ان انت احببتهم تكون قد احببت السيد0 واما اذا فعلت العكس تكون قد فعلته ضد المسيح0
الفقير الذي طردته عنك ولم تستقبله بفرح وبخلت عليه هذا، المسيح ساكن فيه0 المسيح هو الذي طردته انت0 المريض الذي لم تزره وكان في حاجة الى من يرافقه في آلامه ويوآسيه هو المسيح الذي لم تزر0 الغريب الذي لم تعامله كصديق تركته سجينا في غربته ويسوع كان سجينا0 الخادم الذي عاملته بقسوة هو المسيح الذي قسوت عليه0 في بلدنا قسوة شديدة في كثير من العائلات تجاه الخادمات الأجنبيات0 تركن زوجا واولادا في بلدهن ولم يجدن عندنا طراوة عيش0 انهن المسيح الذي انت تعذب0
المخلص انت لا تراه جسديا في هذا العالم0 تلقاه في لقائك المهمشين والمعزولين والمتوجعين0 صدق العلاقة بيننا وبين يسوع نعرفه من محبتنا للإخوة0 لهذا قال الكتاب: “من كانت له خيرات الدنيا ورأى بأخيه حاجة فأغلق احشاءه دون اخيه فيكف تقيم فيه محبة الله” (1يوحنا 3: 17)0 ويزداد هذا المعنى وضوحا بقول هذه الرسالة: “اذا قال احد: اني احب الله وهو يبغض اخاه كان كاذبا لأن الذي لا يحب اخاه وهو يراه لا يستطيع ان يحب الله وهو لا يراه” (4 :20)0
)من احب الله في الإخوة لا يدينه الله0
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان