صلاة يسوع

السؤال الذي يتكرّر دائماً هو لماذا التكرار في الصلاة؟ وهذه العبارة التي أذهلت السائح الروسيّ عندما دخل إلى الكنيسة وسمع في الرسالة إلى أهل تسالونيكي “صلّوا بلا انقطاع” (5، 17) وكان يفكّر كيف يصلّي الإنسان بلا انقطاع. فعلاً إذا كانت الصلاة هي فعل محدّد من أفعال النهار يطرح السؤال: هل يمكن للإنسان أن يعمل عملاً واحداً طيلة حياته؟ ولكن من النظرة المسيحيّة الصلاة ليست فعلاً محدّداً، الصلاة هي نبع الحياة الحقيقيّة. صلِّ يعني إِحْيا. فالسؤال يصبح بالعكس: هل يحيا الإنسان بشكل متقطّع؟ أم يحيا بلا انقطاع على الدوام؟
الصلاة هي نبع الحياة وبالتالي الصلاة بلا انقطاع هي الشكل الأكمل للحياة الإنسانيّة المسيحيّة. الذي لا يصلّي بلا انقطاع، هذا يحيا بشكل متقطّع. وكيف نصلّي بلا انقطاع؟ يقول الربّ يسوع عبارة مهمّة جدّاً “ادخلْ مخدعك وصلِّ لأبيك السماويّ”. هنا توجد أربع كلمات في هذه الآية يجب أن نتأمّل بها. أوّل واحدة “ادخلْ”: يعني أن نخرج من مكان وندخل إلى مكان آخر. وثاني كلمة هي “المخدع” وسنرى ما هو هذا المخدع، ثم ما معنى الفعل “صلِّ” وكم هي هامّة كلمة أن نصلّي “لأبينا” السماويّ.
“ادخلْ” يعني يجب أن نخرج من مكان وندخل إلى مكان آخر. وهذه حركة مهمّة جدّاً. لأنّ الإنسان غالباً، للأسف، في هذه الدنيا يعيش خارج المخدع الذي يصلّي فيه دائماً ذهننا، إنّ الصلاة هي عشرة الذهن مع الله-كما يقول السلميّ- ولكنّنا للأسف ننسى الله في عالمنا ولا نعاشره دائماً. لكن برنامجنا الفرديّ وطقوس الأعياد وكلّ البرامج التي تذكّرنا بمعاشرة الله، تجعلنا ندخل إلى المخدع ونترك العالم أحياناً. العالم في الكتاب المقدّس ليس سيّئاً طبعاً، واهتماماته ليست سيّئة. ولكنّ العالمَ أحياناً، عندما يمنعنا عن عشرة الله، يصير مجرّد– على الأقلّ- خدعة. والخدعة هي لعبة الشيطان لأنّ المسيح يسمّيه الكذّاب وأبو الكذب. الشيطان قد لا يقول لنا أشياء تافهة ولكن قد يخدعنا أن نهتمّ بأمور مهمّة على حساب الأمور الأَولى والأهمّ وهي العشرة مع الله. إذن يجب أن نجعل هذه الحركة “ادخلْ” فعلاً دائماً أينما كنّا حتّى في أشغالنا وأعمالنا. يجب ألاّ تكون الاهتمامات هموماً تخرجنا من المخدع ونبدأ نعاشر العالم، وإن كنّا نحيا في العالم. هناك عبارة ذكرها يسوع “أنتم في العالم ولكن لستم من العالم”، أي أنّنا في العالم ولكنّنا أبناء الله. نحن نعمل في العالم ولكنّنا نعاشر الله. هذه هي حياة الصلاة وهذا ما نسمّيه “الصلاة بلا انقطاع”.
“المخدع” هو القلب. وهذا شيء واضح في تقليدنا. “والوحدة” هي عمليّة الدخول إلى القلب. حيث يراقب الإنسان ويعرف ما في داخله، يستطيع أن يصلّي وإن كان يعمل مع آخرين في العالم. لذلك يقول القدّيسون: أن ندخل إلى المخدع يعني أن نجعل من قلبنا مذبحاً لله. فالبريّة أو المخدع في التقليد النسكيّ الأرثوذكسيّ هي القلب الهادئ. ليس ضروريّاً أن يكون الإنسان في البريّة وبعيداً عن العالم، وإن كانت هذه ضروريّة في المرحلة الأولى، لكي يجعل الإنسان قلبه هادئاً. البريّة هي القلب الفارغ من هموم الدنيا. الإنسان يعمل “باهتمام” في الدنيا ولكن اهتماماته لا تنقلب هموماً. وعندما يعمل الإنسان دون همٍّ إلاّ اهتمامه بالله، فعند ذلك يجعل قلبه بريّةً يحضر فيها الله. “الوحدة مع الله” لا تعني الانعزال عن العالم، إلاّ في مراحل التدريب. في هذا المكان، البريّة، في القلب الهادئ، في المخدع الذي يعني العزلة بمعنى الوحدة، أو الاجتماع مع الله، بشكلٍ لا يعكر هذا الاجتماع أيّ شيء آخر، في مكان كهذا تقوم الصلاة الحقيقيّة. وعكس ذلك لا توجد صلاة عميقة وحقيقيّة. في هذه البريّة يتمّ اللقاء بين الله والإنسان وفي هذا الهدوء يصبح الإنسان هو الصامت والله هو المتكلّم. فنحن في الصلاة لا نتكلّم، في الصلاة نصغي. الإنسان يستطيع أن يسمع صوت الكلمة. الهادئ هو المصلّي الذي يرفع قلبه نحو الله وهناك يشمل العالم كلّه في صلواته. اللقاء مع الله ليس خروجاً عن العالم، بل اللقاء مع الله هو احتواء لكلّ الدنيا أمام الله، في داخل القلب. من أجل ذلك يقول القدّيس سيرافيم ساروف: “حافظْ على هدوئك الداخليّ وستجد الجميع يرتاحون بقربك”. عندما يعاشر الإنسان اللهَ، إن كان في عزلة أو كان في العالم، ولكن بشرط ألاّ يوجد في قلبه إلاّ الله، عندها يتصالح داخليّاً مع كلّ الكون ومع الإنسان، وينظر إلى الآخرين والدنيا نظرة فيها محبّة وارتياح. كلّ أفكار الإدانة أو الانتقاد هي أفكار نقص في المحبّة أوّلاً مع الله. هي دليل على وجود اضطرابات في القلب، وأنّ هذا القلب ليس بريّة وإنّما شبهه شبه مدينة يضجُّ بها آلاف من الأفكار والشخصيّات المتبدّلة. عندما يصل الإنسان إلى قلب فارغ من الاهتمامات الدنيويّة، وهو في العالم أيضاً أحياناً، هناك تصير صلاته المسيحيّ القديم. صورة المرأة التي وجدت في الدياميس المسيحيّة (المبتهِلة-orante) إنّها إمرأة متضرّعة ساجدة ورافعة يديها. هذه هي صورة القلب المصلّي الذي يرفع يدَيه ويحني رأسه ويسجد في حضرة الله ويحوي في قلبه حبّاً لكلّ العالم ولكلّ الخليقة. فالهادئ الحقيقيّ هو صلاة مستمرّة. لذلك في المسيحيّة والتقليد الأرثوذكسيّ، لا يوجد شيء اسمه تأمّل، أي ساعات أقرأ بها وأصلّي فيها، وساعات اسمها خدمة أنسى الله فيها وأشتغل وأهتمّ باهتماماتي. هذا الفصل هو للمبتدئِين. الإنسان المتقدِّم روحياً يعمل دائماً، وعمله هذا هو آمين الصلاة. فلا يصير فصل بين لحظة الصلاة ولحظات الحياة. يصير قلب الإنسان متعلِّقاً بالله وهو يعمل كلَّ شيء في حضرة الله. يشعر الإنسان الهادئ والمصلّي الذي بدَّل الاهتمامات باهتمام وحيد هو الحضرة مع الله والعشرة معه، يشعر أنّه حيث سار وحيث كان فإنّ العريس موجودٌ يقف بقربه، وأنّه هو صديق العريس يريد أن ينقص هو لينمو المسيح-العريس. يفرح أن يكون بجانبه ويشعر أن الكون كلًَّه في حالة زفاف وعرسٍ مع الله وهو كصديق العريس يفرح بهذا الحدث الكونيّ. فالصلاة في النهاية هي محاولة، لنبقى في هذا العرس وأن نبقى في هذا الفرح. إنّ الله يحلُّ على الكون وعلى الإنسان ونحن نفرح كما يقول القدّيس سيرافيم ساروف: “يا ربّ اجعلْ كلَّ الناس يعرفونك”. هذه هي محاولتنا. عندما نقول في تقليدنا الأرثوذكسيّ والنسكيّ: إنّ المسيح هو في كلِّ إنسان نعني أنّ وجه المسيح المتجسّد صار في وجه كلِّ إنسان. كلُّ إنسان صار على صورة المسيح تماماً لأجل ذلك عندما نصلّي إلى يسوع نرى من وجهه أيضاً كلَّ الإنسانيّة، وكلَّ إنسان فرداً فرداً. والمسيرة جديّة جدّاً حتّى يصل الإنسان إلى هذا الحضرة وإلى الحوار الدائم وإلى هذه العشرة غير المتقطِّعة. هذه ليست حالة البداية ولكن أيضاً ليست حالة مستحيلة أو بعيدة. تبدأ الصلاة من قراءة بعض النصوص والمزامير، وما إلى ذلك، وهي مرحلة التدريب على العشرة مع الله. والمطالعة هي نصف صلاة لأنّها أيضاً تضعنا في الحضرة الإلهيّة.
هناك “الصلاة” وهناك “الصلوات”. الصلاة هي الحالة والصلوات هي النصوص، أو الأداة أو أيّة حركة أو أيّ سبب يجعلنا ندخل إلى المخدع ونصلّي لأبينا الذي في السموات. ولذلك هناك عدّة طرق وعدّة أشكال للصلاة. فكلمة واحدة من العشّار جعلته يصلّي، وكلمات وأفعال وأعمال من الفريسيّ جعلته لا يصلّي بل يتكلّم مع ذاته. الحوار الفرديّ، أن يتكلّم الإنسان مع ذاته، ليس صلاة مهما حوى من كلمات الصلوات. مَن يعي أنّه يصلّي لم يصلِّ بعد. مَن لم يخطفه ويشدّه الحوار إلى وجه المسيح، ما زال بعد على درجات ضعيفة من الصلاة، يتكلّم ربما مع ذاته. مَن يسمع ذاته عندما يصلّي لم يصلِّ بعد. هذه الصلوات سماها الكتاب المقدّس ثرثرات: “لا تطيلوا الكلام عبثاً”. ولكن في المقابل هناك: “صلّوا بلا انقطاع”! “لا تطيلوا” لا تعني ألاّ نكرّر، ولكن ألاّ نطيل الكلام “عبثاً”. يقول القدّيس مكاريوس: ليس من الضروريّ استخدام كلمات كثيرة، قد يكفي أن نحافظ على الأيدي مرفوعة فقط، ونكون في الصلاة”. هناك صلوات ليتورجيّة مثل كتاب السواعي والطقوس ولكن كلّ هذه الصلوات هي قليلة جدّاً ولا يمكن أن تكفي لكي نبقى في حالة الصلاة أو نحيا بلا انقطاع. عندما ذهب المطران إبيفانيوس إلى قبرص والتقى مع رئيس الدير هناك وسأله: كيف هي حياة الدير يا أبانا؟ فأجابه الرئيس: كلّ شيء بخير، والرهبان كلّهم بلا استثناء يحضرون كلّ الصلوات صباحاً وظهراً ومساءاً والساعات. فقال له القدّيس: إن كنتم لا تصلون إلاّ عندما تصلّون فأنتم لا تصلّون.
كان القدّيس مكاريوس يرفع يدَيه من الغروب ولا ينـزلها إلاّ عند الشروق. كلّنا نعرف قصّة ذلك الراهب الذي وقف قبل العشاء ليصلّي فنسي أن يتعشّى. ليست الصلاة تلاوة نصوص أو تراتيل من بعض الصلوات المفروضة. هذه النصوص وُجدت لكي تساعدنا على الدخول إلى المخدع الداخليّ. يجب أن نعيش في عالم هذه الكلمات. فكلمات الصلوات هي درجات تساعدنا على الصعود إلى الحضرة الإلهيّة. لذلك الكثير من النساك يردّدون اسم يسوع. ترداد اسم يسوع ليس تكراراً لمعاني محدّدة. ترداد اسم يسوع هو صعود درجة بعد درجة، على كلِّ ذكر لاسم يسوع، حتّى نصل إلى وجه يسوع كالأيقونة. عندما نكرّر اسم يسوع في صلواتنا هذا يعني أنّنا نستحضر ذاتنا في حضرة الربّ يسوع. تكرار اسم يسوع هو استدعاء للحضرة الإلهيّة. ولذلك، في الفيلوكاليا، كثير من النسّاك لا يقولون “أيّها الربّ يسوع” بل يردّدون “أيها الاسم العذب”! وهذا يعني أنّهم ينادون أجمل وجهٍ. تكرار الاسم يلعب دوراً كتثبيت النظر في أيقونة وجه يسوع. العيش في هذه الحضرة، حتّى ولو كان الإنسان في وسط الأعمال هو ملكوت الله.
فما العلاقة بين الصلوات والصلاة؟ كما يقول الأدب النسكيّ المسيحيّ: “اجعلْ من صلاتي سرَّ حضورك”، الإنسان في صلاة كهذه يعطي إصغاءه كلّه لله. هذه مشكلة الإنسان اليوم في العالم، أنّنا لا نصغي، أنّنا لا نعطي للذهن كلماتِ الله، أنّنا لا نبحث عن إرادة الله في كلّ حدث من أحداث الحياة، أنّنا لا نريد أن نقرأ أو نسمع صوت الله والكلمة الإلهيّة في أحداث النهار وأحداث الحياة، يصير كلُّ حدث وأيّ أمر من اهتماماتنا همّاً منفصلاً.
“ضعْ ذهنك في قلبك كلّ صباح وتابع النهار كلّه بصحبة الله”. “يا ربّ اربطْ قلبي بحبّك”. ومثلما يقول إفشين الساعة السادسة: “بشوقك اجرحْ نفوسنا”. لذلك مرّات عديدة نشوِّه الصلاة عندما نجعلها ترداداً ميكانيكيّاً أو واجباً نبدأ به لننتهي منه. الصلاة هي حالة وليست تلاوة. إنّها حالة القلب المتعلّق بالله. تنطبق على الصلاة الحقيقيّة كلمات نشيد الأناشيد “اجذبْني وراءك فنجري”. فالصلاة ليست عملاً من أعمال الحياة اليوميّة، الصلاة ليست مكسباً وليست فريضة. الصلاة ليست “مما للإنسان”، الصلاة هي “ما هو الإنسان”. فالصلاة تخصّ وجود وكينونة الإنسان وشخصيّته، وليست هي إحدى فعاليات الإنسان. إنّ الصلاة والإنسان كالحديد والنار، فليست الصلاة نار في كلّ مكان، ولكنّها نار في الحديد تجعل هذا الحديد أيضاً متوهّجاً وناريّاً. نحن نصلّي كما تشعل النار بالحديد ويلتهب الحديد بالنار. يصير الإنسان هو رجلاً مصلّياً. ليس المهمّ أن أقدّم صلوات أو أن أصغي إلى كلمات، المطلوب “أن أصير صلاة” كالحديد بالنار. لذلك يقول مزمور الغروب: “أرتّل لإلهي ما دمتُ موجوداً”. صار وجود الصلاة هو لون وجود الإنسان. حياة الإنسان هي ذكصولوجيا لله. الإنسان المصلّي هو كذلك العجوز الذي كان يمشي دائماً حافي الرأس بخشوع لأنّه كان يشعر بوجود الله معه. الصلاة الكاملة إذن والنقيّة هي الحالة التي يعي فيها الإنسان حضور الله. ولكن أيضاً هذه الصلاة وهذه الحالة تحتاج لمحاولات عميقة ومتكرّرة. للصلاة أشكال عديدة وللإنسان بحياته في هذه الدنيا أحاديث عديدة مع الله وخطابات مختلفة عندما يعاشر الله. وأهمّ أشكال الصلوات هي الطلب، والتقدمة، والتسبيح. وهذه ضعها يسوع في الصلاة التي علّمنا أن نصلّيها “أبانا الذي…”. كلّنا نتذكّر قصّة الراهب أنطونيوس الكبير بعد 40 سنة من النسك، عندما سمع صوت الله: يا أنطونيوس يا رجل البريّة، في الإسكندريّة، مدينة الملاهي والدنيويّات وعاصمة الدنيا، المدينة مقابل البريّة، هناك اسكافيّ حظى حظوة أعظم في عينَي منك! وعندما ذهب القدّيس أنطونيوس وسأل هذا الإسكافيّ: “ما هي سيرتك يا أخي؟” أجاب: صباحاً أنهض وأطلب، ظهراً أقسم المال قسمَين. قسم لي ولإخوتي ولزوجتي والقسم الآخر للفقراء، وأشكر وأقول: يا ربّ تقبّل عملي. ومساءً قبل أن أنام أقول المجد لك يا الله المجد لك.
هذه أشكال الصلوات الثلاثة: الطلب والتقدمة ثم التمجيد. كلّ هذه تشكل صلاة القلب الذي يهتمّ دون أن تصير اهتماماته هموماً. وأبسط وأسهل طريقة للصلاة المستمرّة التي يمكن أن ترافق الذهن في الأعمال والاهتمامات اليوميّة هي الصلوات المقتضبة. في التقليد الرهبانيّ كانوا يستخدمون بعض العبارات من المزامير مثل “اللهمَّ أصغِ إلى معونتي”، أو “ارحمني يا الله كعظيم رحمتك” وما إلى ذلك. ولكن أجمل وأقوى صلاة عرفها التقليد النسكيّ وتعلَّق بها هي تكرار اسم يسوع. لأنّ تكرار اسم يسوع له مفهوم خاصّ وحقيقة عميقة. عندما نذكر الاسم يعني أنّنا صرنا في مواجهة حامل هذا الاسم. الاسم يُستبدل بالحضرة. لذلك لاسم الله قوّة، لذلك لم يكن اليهود يلفظون اسم الله لأنّ حضرةَ الله مهيبةٌ. ونحن عندما نردّد اسم يسوع يعني أنّنا نقف أمام يسوع. في العهد القديم كان الملائكة الذين يحملون اسم الله يعلنون عن حضوره، عن فعله، ويطلبون من الإنسان الاحترام والخشوع في اليوم الكبير. ولكن في العهد الجديد صار القلب هو قدس الأقداس. إذا كان قدس الأقداس في الهيكل يُدخل إليه مرّةً في السنة من الكاهن الأعظم فقد جعل العهد الجديد القلب البشريّ قدس أقداس لكلّ إنسان ولكلّ لحظة. هرماس الراعي يقول: “اسم يسوع يسند العالم”. فذكر اسم يسوع هو التعزية الكبيرة. أن نعيش في حضرة الله يعني أن نعيش والله معنا، ولذلك فمَن علينا. اسم يسوع يحمل قوّة خلاص، قوّة تخليص لكلّ إنسان في العالم. لذلك يقول الأدب النسكيّ يجب أن يلتصق اسم يسوع بالنَفَس: “أنا نائم وقلبي مستيقظ”. حتّى عندما تفقد الحواس الحضرة فإنّ القلب يتابع العشرة. هكذا عندما تصير صلاة يسوع دائمة، وحضرة يسوع في القلب مستمرّة، نكون نحن ليتورجيا دائمة مع الله. هكذا عبَّر بولس عن خبرته وعن صلاته الدائمة. لم يتكلّم بولس عن خبرة مجهولة أو نظريّة. لقد تكلّم بولس عن ذاته حين قال: “صلّوا بلا انقطاع”. وكان بولس رجلَ عملٍ يخيط الخيام والجلود، ويداه خدمتاه ومن معه، كان رجل أسفار وإبحار ولكن كانت صلاة يسوع في قلبه دائمة “لستُ أنا أحيا لكن المسيح يحيا فيَّ”. “اضربْ أعداءك بذكر اسم يسوع”. ويقول الأدب النسكيّ: “صلّوا لمن لا يعرف أن يصلّي”، آمين.

http://www.freecopts.net/forum/showthread.php?t=14991