الظهور الإلهيّ

theophany

تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة في السادس من كانون الثاني للظهور الإلهي في الأردن، عندما اقتبل الربّ المعموديّة بيد النبيّ يوحنّا المعمدان.

الظهور الإلهي
عندما اعتمد يسوع يقول لوقا انه كان يصلي اي انه كان يخاطب الآب. ويقول متى ولوقا معا ان السيد عند خروجه مـن الـماء انفتحت السموات اي ان الأرض تقبلت عطاء السماء لينزل منـها وحي. فكانه جزء مـن الوحي ان روح الله هبط على يسوع وكأنه حمامة. هـذا يعيدنا الى بـدء التكوين حيث كان روح الله يرفرف على وجه الـمياه وكأنـه حمامـة. الإشارة هنا ان معـمـوديـة الـمسيح أتت بالكون الجديد. العالم يصير جديدا بالـمسيح.
الجزء الثاني مـن الوحي ان صوتا مـن السماء قال: “هذا هـو ابني الحبيب الذي بـه سُررتُ”. والكلام واحد في الأناجيل الثلاثة الاولى مما يدل انـه تراث ثابت.
الـمقطع الاول: “انت ابني” هـو نفسه فـي الـمزمـور الثاني حيث يقـول: “انت ابني وانا اليوم ولدتـُكَ. سَلني فأعطيك الأمم ميراثا… بعصا مـن حديد تكسِرُهم” (2:7-9). في الرسالـة الى العبرانيين: “فلمن مـن الـملائكة قال الله يوما: انت ابني وانا اليوم ولـدتك؟” (1: 5) هنا يشير بولس الى ان الابن سابق للملائكة وأنـه الكلمة الأزلي. ويأخذ كاتب سفر الرؤيا كلام الـمزامير ويطبقه على يسوع فيقول عـن الـمرأة انها “وضعت ابنا ذكرا، وهـو الـذي سوف يرعى جميع الأمم بعصا مـن حديد” (12: 5).
اما الـمقطع الثاني: “الذي بـه سُررتُ” فمأخوذ مـن اشعياء: “هـوذا عبدي الـذي أعضده مختاري (او وحيدي) الـذي سُرَّت بـه نفسي، قد جعـلتُ روحي عليـه” (الروح الهابط بهيئة حمامة)، ويكمل اشعياء كلامه عـن الـمسيح الـمرتجى: “لا يصيح ولا يرفع صوته ولا يسمع صوتـه في الشوارع. القصبة الـمرضوضة لن يكسرها والفتيـلة الـمدخنة لن يطفئها”. هـذا الكلام نفسه يطبقه متى على السيد ويكرره حرفيا في الإصحاح 12 .
عندنا تاليا صورتان: صورة الابـن الإلهي الـمكشوف مع الآب والروح القدس اي صورة ثالـوثية، وصورة الابن الـمتألم الـذي سيقهر الشيطان على جبل التجربـة تـوا بعد الـمعـمـوديـة.
ان نكون للظهور الإلهي حقا هـو ان نجدد ايماننا بالثالوث وكذلك ان نحيا مثل الـمسيح الـمتألم بنكران الخطيئـة. “او تجهـلـون اننا، وقـد اعتـمدنـا جميـعا في يسوع الـمسيح، انما اعتـمدنـا في موتـه فدفنّا معـه في موتـه بالـمعـموديـة لنحيا ايضا حياة جديدة كما أقيم الـمسيح مـن بين الأمـوات بمجد الآب؟” (رومية 6 : 3-4).
ننطلق مـن عيد الظـهور الإلـهي ليظـهر فينا وفي شهادة اعمـالنا الصالحة. ظهـور اللـه في الـدنيا بعـد صعود الـمسيح الى السموات يتم بالروح القدس الذي يحيينا. اذ ذاك، عن كل واحد منا يمكن لله ان يقـول: “انت ابني الحبيب الـذي بـه سُررتُ”.
ان بنوة الـمسيح للـه لا تنغـلق انها تمتد الينا. نحن صرنا ابناء الله وابناء القيامة. “وأكون لكم أبا وتكونون لي بنين وبنات” (2كورنثوس 6: 18).
فالـمعمـوديـة التي اخذنـاها مرة واحدة انما لا تنتهي. نجددها دائما بمحبتنا ليسوع وخضوعنا للإيمان. نعي الـمعمودية ونـذوق اغتسالنا بالروح القدس كل يوم حتى يظـهر الـمسيح نـورا فينا.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).
رعيّتي، الأحد في 5 كانون الثاني 1997، العدد 1