المسيح قام

“سلَّمت اليكم قبل كل شيء ما تسلَّمته، وهو ان المسيح مات من اجل خطايانا كما جاء في الكتب, وانه قُبر وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب”( كورنثوس 15: 3 و4 ). هذا هو كل الايمان المسيحي وهذا مصدر فرحنا الى الابد وتعزيتنا الوحيدة في عالم المرض والشقاء والموت. وهذا داخل في لحمنا وعظامنا. ” اوتجهلون أننا، وقد اعتمدنا في يسوع المسيح، إنما اعتمدنا في موته فدُفنّا معه بالمعمودية لنموت فنحيا حياة جديدة كما أُقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب؟” ( 1 كورنثوس 6: 3 و4 ). ما يقوله الرسول ان سر آلام المخلص وانبعاثه قد تساقط علينا. فاذا غرقنا في ماء المعمودية نشبه موته واذا انتشلنا الكاهن من حوض المعموديت يشبه ذلك قيامته. ويتابع بولس قوله: ” فاذا كنا متنا مع المسيح, فاننا نؤمن باننا سنحيا معه”. نحن نميت الخطيئة فينا فنصير احياء بالنعمة.

رجاؤنا اننا قادرون ان نقضي على خطايانا بعد ان اتخذنا هذه القوة من المعمودية ثم من الصلاة التي تغذي فينا ذكر الله. وبقدر ما نتوب الى وجهه تزول عنا معالم الموت. ويمعن بولس في الرجاء اذ “نعلم ان المسيح, بعدما أقيم من بين الاموات لن يموت ثانية ولن يكون للموت عليه من سلطان”. قد تحل الكوارث الكونية وينتابنا المرض ونقع في الخطيئة سهوا او عمدا. ولكنا موقنون اننا سننهض ابدا لان المسيح حي ويحيينا. فالشر اذا هاجمنا لا يقدر ان يلازمنا لكوننا نلغيه برؤيتنا لجمال يسوع. واذا فتك بنا الألم حتى النهاية نعرف ان المخلص رفيقنا في الأوجاع المبرحة وناشلنا من يأس الخطايا اذا تكررت وهو رفيقنا في الاحتضار ويلاصقنا في القبر. نعلم لإيماننا به ان”للاموات قيامة” “لأنه اذا كان الاموات لا يقومون, فالمسيح لم يقم ايضا. واذا لم يكن المسيح قد قام, فايمانكم باطل ولا تزالون بخطاياكم ” ( 1 كورنثوس 15: 15-17 ).

هذا الايمان بان المسيح حي الى الابد جعل الشهداء يشهدون بفرح جيلا بعد جيل حتى ايامنا. ما كانوا يخشون الاسود تفترسهم ولا يخافون اليوم السجون والتعذيب. يعرفون انهم سيلتحقون بالمعلم سيدا على الكون وحياة لهم في ميتاتهم. هذا الايمان عينه جعل المؤمن يقمع شهواته ليسترضي المسيح. هذا الايمان جعلنا على طريق الهدوء واللطف والفقر لأنها فينا جمالات المسيح. هذا الايمان نفسه يجعلنا قادرين على الصلاة ساعات طويلة اذ نرجو منها قوة السيد الظافر. هذا الايمان يمكِّن الاشداء في الحرب الروحية ان يصمدوا امام كل اغراء.

لعلم الكنيسة بذلك بتنا نتغنى بالفصح اربعين يوما متتاليات نردد ” المسيح قام ” بنشوة وننظر ليس الى حدث مضى ولكن الى حدث باق معنا بكل قوّته. لعلم الكنيسة بذلك صارت العبادة يوم كل احد انشادا للقيامة التي لا ننتظر بعدها عزة. القيامة كرامتنا وإطلالتنا على الوجود كله كأسياد. ولا يستطيع أحد ان ينزع فرحنا منا.

اما من بقي حزينا بسبب من مرض اويائسا بسبب من خطيئة او هابطا امام الموت يواجهه فهذا لم ينل شيئا من القيامة. كان الفيلسوف المعادي لنا نيتشه يقول:” أروني انكم مُخلَّصون لاؤمن بمخلصكم “. يجب ان نرفع التحدي وان نظهر نورانيين قائمين على الرجاء، ثابتين في المحبة وسط اوجاع لا تطاق حتى يقدر من رآنا ان يقول: ان هؤلاء تأتيهم قوتهم من ايمانهم بأنهم سيقومون من بين الاموات. وهم متيقنون انهم سيقومون لأن مسيحهم قام.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان).