كتبه الأب سلوان
يعتبر ميلاد السيد المسيح من أكبر عجائب الثالوث القدوس، الآب أراد أن يخلّصنا، الابن كان الأداة التي بواسطتها خلصنا والروح القدس عمل ليتحقق خلاصنا. “الكلمة صار جسداً” (يوحنا 14:1). وحتى يتحقق الخلاص تجسد ابن الله آخذاً سلالة بشرية، نتعرّف عليها في إنجيل متى الذي يُقرأ في قداس عيد الميلاد. (متى 1:1-17).
:سلالة المسيح
الصفة الأساسية لسلالة المسيح كون غالبيتها من الرجال، ويعود ذلك لناموس موسى الذي يعتبر الرجل رأس المرأة فبالتالي كان يًعطي الأهمية للرجل في كل شيء. ويوجد لدينا تسلسلين لهذه السلالة الأول عند الإنجيلي متى فيبدأها من إبراهيم وينهيها بيوسف: “رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح” (متى16:1). على عكس الإنجيلي لوقا الذي يبدأها من يوسف الصدّيق وينهيها بـ “بن انوش بن شيث بن آدم ابن الله” (لوقا38:3).

السيد بالطبيعة الإلهية لا سلالة له فهي شيء غير موجود، هو الكلمة الإلهية لا يوجد قبله أحد أو شيء لأنه كائن منذ الأزل. هذه السلالة وضعت وفق طبيعته البشرية لذلك يلقب الإنجيلي متى بـ “ابن الإنسان” وهو أخذ هذه الطبيعة وفق هذه السلالة لكي يخلصنا.
:ملاحظات حول سلالة السيد المسيح
لنتوقف عند بعض النقاط التي تدور حول سلالة السيد. في بدايتها يُذكر اسم داوود الملك قبل إبراهيم، فبدل أن يقول: “كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن إبراهيم” يقول : “كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داوود ابن إبراهيم” (متى1:1)، مع أن إبراهيم هو أقدم من داوود ومع ذلك هو الثاني في السلالة. وسبب ذلك يعود كون إنجيل متى كُتب لليهود ليثبت لهم أن الوعد الذي أعطاه الله لداوود بأن من نسله سيأتي المخلّص قد تحقق بيسوع المسيح. “أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك واثبت مملكته هو يبني بيتاً لاسمي وأنا اثبت كرسي مملكته إلى الأبد أنا أكون له اباً وهو يكون لي ابناً” (2صم 12:7-14).

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن النبي داوود أخذ أهمية كبيرة وعظيمة عند اليهود أعظم من إبراهيم وذلك للدور الذي لعبه داوود عند اليهود في تأسيس مملكة إسرائيل. ولا ننسى أن الأنبياء تنبؤا عن أن المسيح سيأتي من نسل داوود وهو سيخلص إسرائيل (مز17:132-18). فاسم داوود كان مرتبطاً بالذي سيخلص هذا الشعب.
في العهد القديم لا يرد ذكرٌ للنساء عند سرد أي سلالة، وبالرغم من ذلك نقرأ في سلالة المسيح أسماء أربع نساء: ثامار، راحاب، راعوث، بتشبع زوجة اوريا. اثنان منهما غير يهوديات (راحاب و بتشبع زوجة اوريا) واثنان غير طاهرات، هذا هو العهد الجديد الذي جاء فيه المسي ليخلص الكل وأولهم الخطاة وليعلّمنا أن لا نخجل وأن لا نعطي اعتباراً لسلالتنا مهما كانت.
ماذا نستفيد من سلالة المسيح؟
تُعلمنا السلالة أن لا نخجل من خطايا أجدادنا، بل أن نخجل من قلة الفضيلة التي فينا، ومن جهة ثانية إذا كانت سلالاتنا عريقة وكبيرة فهذا لا يفيد إذا لم نجاهد شخصياً لتقديس ذواتنا، يجب أن لا نفرح أو أن نفتخر بسلالتنا وعراقتها بل أن نفرح عندما نطبق وصايا الله. نلاحظ ذلك في الكنيسة حيث أن السلالة العائلية لشخص ما، لا تحدد حالته الروحية. الكل سواسيةً أمام الله لأنهم تعمّدوا من جرن واحد ويتناولون من الجسد ذاته والكل مائتون
جاء المسيح لكي يخلص البشرية من الخطيئة والشر، جاء كطبيب وليس كقاضي، صار عريساً للطبيعة البشرية الفاسدة. عظيمٌ هو تواضع السيد المسيح إذ أخذ سلالة لطبيعته البشرية كهذه ويقبل أن يُدعى “ابن الإنسان” وهو بلا خطيئة وذلك كله لأجل خلاصنا. إن محبته لعظيمة نحونا، فلنفعل ذات الشيء ولنظهر محبتنا نحوه ونتوجه إليه قائلين: “يا ابن داوود خلصنا”.