الكنيسة الأرثوذكسية

2

مقدمة

عدد متزايد من الأشخاص من مختلف الأطياف بدأ يهتم بالكنيسة الأرثوذكسية. إن هؤلاء الأفراد يكتشفون الإيمان القديم وغنى تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية. لقد انجذبوا بنظرتها الصوفية لله ولملكوته، بجمال عباداتها، بطهارة إيمانها المسيحي وتكاملها مع الماضي. إن هذا ما هو إلا بعض من كنوز هذه الكنيسة التي يمتد تاريخها إلى زمن الرسل.

لقد تطوّرت الكنيسة الأرثوذكسية إلى وجود فاعل وشهادة مميزة في نصف الكرة الغربية لأكثر من مئتي سنة. لقد وصل أولاً اليونانيون الأرثوذكس إلى العالم الجديد في سنة 1768 وأسّسوا مستعمرة في ما يُسمّى اليوم، سان أوغسطين، فلوريدا. فإن واحدة من البنايات الأصلية التي كان يجتمع فيها هؤلاء المهاجرون لممارسة الخدم الليتورجية ما زالت قائمة حتى اليوم. حوّلتها مؤخراً الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية إلى مزار للقديس فوتيوس. دُعي هذا المزار بإسم هذا المبشِّر العظيم تخليداً لذكرى هؤلاء المهاجرين الأرثوذكس الأوائل. هذه الكنيسة تُستَعمَل كعلامة وطنية دينية فارقة وهي تشهد لهذا الحضور الأرثوذكسي منذ أوائل وجوده. أما الجماعة الثانية من المسيحيين الأرثوذكس التي ظهرت على القارة الأميركية كانت من الروس المتاجرين بالفرو في الجزر الأليوتية. لقد ساهموا هم أيضاً كثيراً.

يعود الفضل لنشأة الكنيسة الأرثوذكسية في هذا البلد إلى تفاني كثير من المهاجرين الآتين من بلاد مثل اليونان، روسيا، الشرق الأوسط وبلاد البلقان. خلال الهجرة العظيمة في القرنين التاسع عشر والعشرين، هاجر كثير من المسيحيين الأرثوذكس من مختلف الثقافات والبلاد إلى أميركا بحثاً عن الحرية والفرص. لفد حملوا معهم وكالرسل ميراثاً وهدية. لقد جلبوا إلى العالم الجديد الإيمان القديم للكنيسة الأرثوذكسية.

يفتخر كثيرٌ من المسيحيين الأرثوذكس باقتفاء أثر أجدادهم إلى البلاد والثقافات الأوروبية والأسيوية. ولكننا لا يمكننا أن نرى الكنيسة الأرثوذكسية اليوم ككنيسة مهاجرين. فإنه بينما ينضم للكنيسة الأرثوذكسية أفراداً من عدة خلفيات ثقافية وعِرقية ولكن معظم اعضائها هم من المولودين في أميركا. ولذلك قد تميّزت بالإعتراف بها رسمياً كواحدة من الديانات الأربع العظمى. وتبعاً لممارسة الكنيسة الأولى فإن الأرثوذكسية تقدِّر الثقافات المختلفة لشعبها ولكنها لا ترتبط بأي ثقاقة لشعب معيّنز إن الكنيسة الأرثوذكسية تستقبل الجميع.

خمسة ملايين مسيحي أرثوذكسي يعيش في هذا البلد. إنهم منضمين تقريباً تحت 12 سلطة كنائسية. إن الأبرشية اليونانية الأرثوذكسية في أميركا هي أكبرهن وتحتوي على أكثر من 500 رعية في الولايات المتحدة. فمن دون شك، إن إيافوكوس Iakovos رئيس أساقفة هذه الأبرشية هو المسؤول الرئيسي لتعريف كثير من غير الأرثوذكس على كنوز الكنيسة الأرثوذكسية. إن رسالته، التي امتدّت إلى أكثر من ثلاثين سنة، كانت خدمة متفانية ورؤيوية مملؤة بالتقدير إلى خلفيته الإغريقية ومُسترشِدة بروح مسكونية. لقد أدرك البُعد العالمي للأرثوذكسية، لذلك تصرّف بحزم ليجعل من هذا الإيمان القديم للرسل والشهداء شهادة قوية في أميركا المعاصرة.

المسيحية الشرقية

إن الكنيسة الشرقية تمثل حسياً وتفصح عن غنى الكنوز الروحية للكنيسة الشرقية. لا يجب أن يُنتسى بأنه قدبُشِّرَ بإنجيل المسيح أولاً في الأراضي المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط وعلى هذه الأراضي استقرّت المجموعات المسيحية الأولى. لقد نضج الإيمان الأرثوذكسي في صراعه ضد الوثنية والهرطقات في هذه المناطق الشرقية من الامبراطورية الرومانية. هناك قد عاش وعلّم الآباء العظماء. وفي مدن الشرق قد أُعلِنَت دعائم إيماننا خلال المجامع المسكونية السبع.

إن للروح المسيحية التي تغذّت في الشرق لها طعم خاص. إنها مميّزة، ولكنها ليست مناقضة طبعاً للذي تكوّن في القسم الغربي من الامبراطورية الرومانية وممالك القرون الوسطى في الغرب. إنه بينما نمت المسيحية في الغرب في أراضٍ تعرف الفلسفات الإخلاقية والقانونية لروما القديمة فالمسيحية الشرقية نمت في أراضٍ تعرف الثقافات السامية والإغريقية. بينما كان الغرب مهتماً بآلام المسيح وخطيئة آدم كان الشرق مركّزاً على قيامة المسيح وتأليه الإنسان. وبينما انعطف الغرب نحو نظرة قانونية للدين كان الشرق يقترن أكثر بصوفية لاهوتية. رغم أن الكنيسة الأولى لم تكن متآلفة، لكن التقليدين العظيمين بقيا معاً لأكثر من ألف سنة حتى الإنفصال الكبير الذي قسم الكنيسة. فيُعَد اليوم الروم الكاثوليك والبروتستانت من أحفاد التقليد الغربي والأرثوذكس من أحفاد التقليد الشرقي.

الأرثوذكس

إن مسيحيي الكنائس الشرقية يدعون أنفسهم أرثوذكس. لقد أتت هذه الصفة إلينا في القرن الخامس ولها تعريفين متقاربين جداً. التعريف الأول يعني التعليم الحق. إن الكنيسة الأرثوذكسية تؤمن بأنها قد حافظت وسلّمت الإيمان الأرثوذكسي خالٍ من الخطأ أو تحريف منذ أيام الرسل. أما التعريف الثاني، وهو المفضّل، فيعني التسبيح الحق. إن الهدف الأساسي للكنيسة هو أن تبارك وتسبح وتمجد الله الآب والإبن والروح القدس. فإن كل نشاطاتها، وحتى سنّ عقائدها، يجب أن يوجَّه لهذه الغاية.

يُستعمَل في بعض الأحيان لوصف الكنيسة الأرثوذكسية كلمة “كاثوليك”. إن هذا الوصف يعود إلى القرن الثاني، فهو مُدرَج في قانون الإيمان النيقاوي الذي يقرّ بكنيسة واحدة، كاثوليكية، مقدّسة رسولية. فالكنيسة “الكاثوليكية” تعني الكنيسة “الجامعة” بالنسبة للأرثوذكس وهي تحوي شعوباً من مختلف الثقافات والأعراق. إنها تؤكد على كمال الإيمان المسيحي.

ليس من الغرابة أن نجد ألقاباً مثل: يونانيون، روس وأنطاكيون مُستعمَلة لتعريف الكنائس الأرثوذكسية. فإن هذه التسميات تشير إلى الجذور الثقافية والوطنية لرعية أو أبرشية ما.

تنوع بوحدة

إن الكنيسة الأرثوذكسية هي ائتلاف عالمي لكنائس: بطريركية، مستقلة وذو حكم ذاتي. إن كل كنيسة هي مستقلة في تنظيمها الداخلي وتتبع عاداتها الخاصة، مع ذلك، فإن كل الكنائس هي متحدة مع بعضها بنفس الإيمان والنظام. فالكنيسة الأرثوذكسية تقر بأن هذه الوحدة لا تعني تجانساً. إن بعضاً من الكنائس لها تاريخ غني ككنيسة القسطنطينية بينما كنائس أخرى تبدو يافعة ككنيسة فنلندا. وبعضاً منها كبير وواسع ككنيسة روسيا بينما أخرى فهي صغيرة ككنيسة سيناء. يرعى كل كنيسة سينودس من الأساقفة. فرئيس السينودس يُعرَف بالبطريرك، رئيس أساقفة، متروبوليت أو كاثوليكوس. ولقد أُسبِغ على بطريرك القسطنطينية المسكوني، من بين كل الأساقفة، مكانة شرفية ويُنسَب إليه لقب “الأول بين متساوين”. إن عدداً من الأبرشيات في أميركا وأوروبا الغربية، حيث الأرثوذكسية ما زالت يافعة، تتبع بشكل مباشر أو غير مباشر إحدى هذه الكنائس المستقلة. على سبيل المثال، إن الأبرشية اليونانية الأرثوذكسية هي تحت رعاية بطريركية القسطنطينية. بينما هذه الأبرشية تتمتّع بمقدار كبير من الإستقلالية وعلى رأسها رئيس أساقفة، فهي مدينة بولائها الروحي إلى كنيسة القسطنطينية.

كنوز الأرثوذكسية هي سلسلة من الكراسات مكتوبة لغير الأرثوذكسيين، وخاصة للذين يريدون أن يصبحوا أعضاءاً في الكنيسة الأرثوذكسية ويتمنون أن يرسخوا تقديرهم لإيمانها، عباداتها وتقاليدها. إن مؤلف هذه الكراسات هو الأب توماس فيتزجرالد، عضو هيئة الأساتذة في الكلية الإغريقية –الصليب المقدس لتدريس اللاهوت .Hellenic College-Holy Cross School of Theology

هذه هي عناوين الكراسات:

مقدمة: تعرّف غير الأرثوذكس على المسيحية الأرثوذكسية.

بيت الله: يشرح بناء الكنيسة من الداخل.

العبادة: تناقش شكل وخصائص العبادة الأرثوذكسية.

القداس الإلهي: يشرح معنى والاحتفال بسر الشكر.

الأسرار: يشرح معنر وأهمية الحياة الليتورجية.

خدم خاصة وصلوات: يشرح الخدم غير الأسرارية التي تساعد الحياة الروحية.

تعاليم: يحدد النقاط البارزة للعقيدة والتأكيدات الإيمانية الأساسية.

روحانية: يشرح معنى التأله كهدف للحياة المسيحية.

تاريخ: يرسم الحقبات العظيمة للأرثوذكسية.

الكنيسة: يحدد الخطوات التي يجب إتباعها للإنضمام للكنيسة الأرثوذكسية.