الملابس الكهنوتية ومدلولاتها

الحلل الكهنوتية أثواب يلبسها ذوو الكهنوت حينما يقيمون الخدم الإلهية والأسرار المقدسة فتذكرهم بواجباتهم وتعطى لهم عند سيامتهم وارتداؤها مهم للغاية لأن الثوب على الإجمال يرمز إلى الشخصية الروحية التي لخادم الأسرار.

فعندما يرتدي الكاهن ألبسة خاصة استعداداً للخدمة الإلهية فهو يشير بذلك إلى أن شخصيته العادية حجبت ولم يعد لها أهمية بل فسحت المجال لشخصية جديدة هي شخصية خادم الأسرار.

فالكاهن الذي يقيم الخدمة الإلهية لم يعد بنظرنا ذلك الإنسان الذي نعاشره يومياً، إنه الآن الأداة الحية التي أقامها الروح القدس لخدمة الأسرار المجيدة والتي يستخدمها- رغم عدم استحقاقه- ليبث نعمة الرب في الكنيسة.  فارتداء الألبسة الكهنوتية يعني أن الكاهن، رغم جهله، وخطاياه التي هي موضوع حساب بينه وبين الله، يمكنه أن يتمم الأسرار الإلهية لأن متمم الأسرار الحقيقي هو الرب يسوع المسيح نفسه الذي هو”الكاهن إلى الأبد” (مز4:110) (عب6:5). وهو يفعل ذلك من خلال الكاهن.

والثياب الكهنوتية زاهية الألوان موشاة بالذهب والفضة للدلالة على أن خادم الأسرار المقدسة يقترب من مجد الملكوت الإلهي بصفته وسيطاً بين الله والشعب.  تستخدم الكنيسة ألواناً زاهية ومتنوعة فاللون الأبيض يدل على الفداء بدم المخلص ويُلبس في أعياد الشهداء وجناز المسيح. أما اللون الأزرق فيدل على الصفاء والقداسة ويلبس في عيد الغطاس وأعياد العذراء والقديسات البارات واللون الأخضر يرمز إلى النمو الروحي والازدهار بمجيء المخلص يلبس الأخضر في صوم الميلاد وأعياد الأنبياء وأبرار العهد القديم. واللون الذهبي يدل على المجد والنور الذي يدخل في خبرته القديسون النساك يلبس في أعياد السيد مثل الدخول وفي أعياد الأبرار النسّاك ورؤساء الكهنة أما اللون البنفسجي فهو لون الحزن رسمياً ولذلك فهو يهيمن على لباس الكهنة في زمن الصوم الأربعيني المبارك.  نزين الملابس الكهنوتية على الإجمال وأحياناً بصور السيد أو السيدة أو بصور الأعياد السيدية للتعبير عن فرح العيد وتكريماً للرب الممجد بالفنون المستخدمة من رسم وموسيقى وأناشيد وكذلك في زركشة ثياب خدامه دلالة على المجد الذي يعطيه الله لخدامه ليخدموا الآخرين ويتمجدوا هم أيضاً بمجد الرب.

أنواع الثياب:

تقسم الثياب الكهنوتية إلى أنواع:

ملابس خاصة بالكهنة: وعددها ستة وهي الاستيخارة والبطرشيل والزنار والأكمام والحجِر والأفلونية.

وللأسقف ملابس خاصة: عددها اثنتا عشر قطعة وهي الاستيخارة والبطرشيل والزنار والأكمام والصاكوس والحجِر والاموفوريون والصليب والأنكلوبيون والمانتيه والتاج وعصا الرعاية.

بشكل عام تُكرّس الملابس بالصلاة ونضحها بالماء المقدس كذلك وقبل ارتدائها يباركها الكاهن برسم الصليب وبتلاوة آية من المزامير إجمالاً وبصلاة خاصة.

1- الاستيخارة:

هي قميص طويل ينسدل حتى القدمين وتدل على الطهارة التي يجب أن يتحلى بها الكاهن وأن يحفظها في حياته. وترمز إلى الثوب اللامع الذي ألبسه هيرودس الملك للمسيح وأرسله إلى بيلاطس سخرية (لوقا23: 11) أو إلى القميص المنسوج الذي نزعه الجنود عن المسيح عند صلبه(يوحنا23:14) إنه حلة البهجة وثوب الخلاص.  عند ارتدائها يقول الكاهن: “تبتهج نفسي بالرب فإنه ألبسني ثوب الخلاص وسربلني حلّة السرور وجمّلني بتاج كعريس ومثل عروسٍ زينني تزينا” (اس10:61).

2- الزنار(الأوراريون):

قطعة نسيج طويلة تشبه الزنار وعليها صلبان صغيرة أو كتابة “قدوس قدوس قدوس” يلبسه الشماس على كتفه اليسار ويمثل لنا أجنحة الملائكة. لأن خدمة الشماس كخدمة الملائكة.  أما الكاهن والأسقف فيتمنطقان بالزنار وعندئذ يشير إلى العفاف اللازم لمن تمنطق به ويرمز أيضاً إلى السياط التي جلد بها المخلص. يشد الكاهن والأسقف حقويه بالزنار متهيأ للقيام بالخدمة المقدسة الإلهية بكل ضبط لشهواته ولذلك هو يرمز إلى القوة التي تمنطق بها السيد في ملكوته بحسب الرؤيا. يقول الكاهن والأسقف حين التمنطق بالزنار: “تبارك الله الذي يمنطقني بالقوة ويجعل طريقي بلا عيب مقوماً رجليّ كالأيائل ورافعاً إيايّ على المعالي” (حب19:3).

3- الأكمام:

قطعتا قماش عريضتان عليهما صليبان صغيران. يغطي الكمان زندي الشماس أو طرفي استيخارة الكاهن أو الأسقف. وتدل على الأسلحة الروحية الضرورية لمرتديها في جهاده الروحي ضد الشيطان وما يثير عليه من المعاكسة وكذلك إلى الوثاقات التي ربطت يدي المخلص حين آلامه.  الأكمام تغطي طرفي استيخارة الكاهن أو الأسقف فيسهلان حركاته وحين ارتدائها يقال على الكم اليمين: “يمينك يا رب تمجدت بالقوة، يدك اليمنى سحقت الأعداء وبكثرة مجدك حطمت مقاوميك” وعلى اليد اليسرى: “يداك صنعتاني وجبلتاني فهمني فأتعلم وصاياك” (مز73:118).

  4-البطرشيل:

قطعة نسيج طويلة وعريضة يلبسها الكاهن أو الأسقف على العنق وتتدلى على الصدر وينتهي إلى الأسفل بشراريب والبطرشيل يدل على النعمة الإلهية المستقرة على لابسه ويشير إلى تحمل الأسقف أو الكاهن مسؤولية الرعية . وبدونه لا يستطيع الكاهن القيام بأية خدمة كنسية. وحين ارتداءه يقال: “تبارك الله الذي يسكب نعمته على كهنته كالأطياب على الرأس النازلة على اللحية لحية هارون النازل على جيب قميصه”. (مز2:132).

5- الحجر:

قطعة نسيج مربعة الزوايا في وسطها صليب أو صورة أحد القديسين يضعها الأساقفة والكهنة على الجانب الأيمن ويشير إلى فضائل الشجاعة والصدق والدعة والحق الذي ينبغي أن يتصف بها الكاهن عند تقديم الذبيحة الإلهية.  يرمز الحجر إلى غلبة السيد المسيح على الموت وعزته وقدرته بما أنه لا شركة له مع الخطيئة.  كذلك يرمز إلى السيف الروحي الذي ينبغي للكاهن والأسقف أن يتقلداه وهذا السيف هو التعليم والكرازة واستقامة الرأي. إنه سيف الحق المسلول دوماً على الشرير.  يلبسه الأسقف وبعض الكهنة الذين يكلفهم المطران بمسؤولية تتميم سر الاعتراف كآباء روحيين.  يقول الكاهن عند لبسه الحجر: “تقلّد سيفك على فخذك أيها القوي بحسنك وجمالك، واستله وانجح واملك في سبيل الحق والدعة والخير فتهديك يمينك هدياً عجيباً”(مز3:44).  يتبع…

عن شبكة القديس سيرافيم ساروف